هل تتأثر الأعمال الروائية بتحويلها إلى سينمائية أو درامية؟
ظل هذا السؤال عالقاً في أذهان الكثير منذ القدم. فقد اختلف الناس وتشتت الآراء حول تحويل الأعمال الروائية إلى سينمائية أو درامية. فالبعض يحكم من منظور مشاهده الخاصة التي بناها في عقله الباطن أثناء قراءة الرواية، وهؤلاء هم الأكثر انزعاجًا من تفاصيل العمل السينمائي أو الدرامي المُعدلة، لما يجدوه من تدميراً لصورة الرواية المحفورة في أذهانهم. والبعض الآخر يجد لذة في مشاهدة سطور الرواية تُروى بتعبيرات مجسدة على أرض الواقع.
وهناك من الناس من يشاهد العمل دون قراءة الرواية من الأساس، وهنا يسهل إرضاءه بتفاصيل العمل وحده. ولكن قد أثبتت العديد من التجارب التي شاهدناها منذ مولد السينما المصرية نجاحاً ساحقاً في تحويل خيال القارئ إلى حقيقة مرئية و محسوسة. وإليكم أبرز الأعمال التي نالت أعجاب الجمهور والنقاد:
لا تطفئ الشمس
تحكي الرواية عن أسرة مكونة من أم أرملة وأبناء وخال متحكم في كافة أمور حياتهم، ويبدأ كل فرد في شق طريقه نحو أهداف مختلفة كالحرية والحب والعمل و غيره، وهنا تتصاعد الأحداث. تعد رواية لا تطفئ الشمس واحدة من الروايات التي تتلون بما يحلو لأي فنان. فقد تمكن المخرج صلاح سيف وكاتب السيناريو والحوار لوسيان لمبير من تحويله إلى فيلم عبقري عام ١٩٦١، وكان اختيار طاقم العمل سراً من أسرار نجاح العمل السينمائي، فقد تألفت البطولة من سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والفنان شكري سرحان والشقي أحمد رمزي والفنانة القديرة عقلية راتب.
وقد عادت الرواية برونقها إلى الدراما المصرية في رمضان ٢٠١٧، عندما صدرت نستختها الدرامية، مسلسل لا تطفئ الشمس، من إخراج محمد شاكر خضير وسيناريو وحوار تامر حبيب.
الثلاثية لنجيب محفوظ:
دائماً ما وجدنا أعمال الأديب العبقري نجيب محفوظ خامة نادرة يتسابق عليها المخرجون وكاتبو السيناريو لما يجدوه من قيمة في معانيها وبواطنها التي تستفز أي قارئ لإنشاء صور خيالية لأحداثها. فثلاثية نجيب محفوظ (بين القصرين- قصر الشوق- السكرية)، هي سلسلة مترابطة الأحداث تدور حول عائلة السيد “أحمد عبد الجواد” الملقب بسي السيد حتى يومنا هذا، وهو أب متحكم وقاسي، يفرض سلطته وأحكامه على أولاده بينما يلهو ليلاً في حلقات السهر والنساء والخمر. وتستمر الأحداث في “قصر الشوق” و”السكرية” حتى تصل للأيام الأخيرة في حياة سي السيد وسط أبنائه وأحفاده. وقد تحولت هذه الثلاثية إلى سلسلة أفلام من سيناريو وحوار يوسف جوهر، وإخراج حسن الإمام، الذي عشق أعمال نجيب محفوظ وكان الأكثر اهتماماً بها.
عمارة يعقوبيان:
عمارة يعقوبيان هي رواية للكاتب الفريد علاء الأسواني تظهر عدة شخصيات تسكن عمارة يعقوبيان في وسط البلد. وعند تحويلها لفيلم من إخراج مروان حامد وسيناريو وحوار وحيد حامد، قد تسببت في جدلاً نارياً عند عرضها على شاشات السينما، فقد سلطت الضوء على نماذج من المجتمع لم يجرأ أحد على ذكرها في ذلك الوقت. وصُنف هذا الفيلم في مهرجان “دبي السينمائي الدولي” من ضمن أهم مائة عمل سينمائي في تاريخ السينما المصرية.
الفيل الأزرق:
أظهرت رواية الفيل الأزرق جانب جديد للسينما المصرية الحديثة نتج عنه العديد من الأفكار الفريدة والمتميزة التي نشاهد تطورها حتى يومنا هذا. فقد عُرض فيلم “الفيل الأزرق” عام ٢٠١٤، من إخراج مروان حامد، وسيناريو وحوار أحمد مراد مما ساهم في إيصال أحداث الرواية بدقة أحمد مراد في الرواية والسيناريو أيضاً. صُنف العمل من ضمن أفلام الرعب والإثارة والتي لم تكن منتشرة وقتها في الساحة الفنية المصرية.
لن أعيش في جلباب أبي:
أبدع الكاتب إحسان عبد القدوس في إبراز جوانب الواقع الذي تعيشه أفراد أسرة عبد الغفور البرعي، فهو رجل فقير كان لا يقوى على جمع قوته في بداية الأمر، ولكن عندما دق الحظ بابه فتح له الطريق على مصرعيه وأصبح من أهم تجار الوكالة، مما تسبب في مشاكل لأسرته على المدى الطويل. فقد عانى ابنه عبد الوهاب من ثروته وحاول بشتى الطرق أن يتملص من جلبابه وعمله حتى تفاقمت أحداث حياة الأبن وبدأ رحلة الإدراك.
عُرض المسلسل لأول مرة عام ١٩٩٦ من إخراج أحمد توفيق وسيناريو وحوار مصطفى محرم، ولقى صداه في الوطن العربي برمته. والجدير بالذكر أن قصة حب عبد الغفور وفاطمة زوجته في المسلسل ظلت حتى الآن محط حديث جميع الأجيال، فكانت علاقة خفيفة وكوميدية إلى حد كبير مما جعل المسلسل يحظى بشعبية مهولة لا تهتز بمرور الأعوام والأجيال.
بنت اسمها ذات:
كان ذلك العمل بمثابة حجر الزاوية في الأعمال التي توجه النظر نحو حياة المرأة في المجتمع المصري. فقد تحولت رواية “بنت اسمها ذات” للكاتب صنع الله إبراهيم إلى مسلسل عبقري من إخراج المبدعة كاملة أبو ذكرى وخيري بشارة وسيناريو وحوار مريم نعوم ونجلاء الحديني. يتناول هذا العمل فترة فاصلة في الحياة المصرية من خلال امرأة تُدعى “ذات”، ولدت في انطلاقة ثورة ١٩٥٢، ومن ثم يصور المسلسل تطور حياتها بين الزواج والجامعة ومشاعرها وتقلباتها وتقلب أحوال الدولة معها خلال فترات حياتها ونهايتها ثورة الخامس والعشرين من يناير سنة ٢٠١١.
أفراح القبة:
تُدرج رواية أفراح القبة للأديب محفوظ، ضمن أهم الأعمال التي تحولت إلى شاشة التلفزيون حديثاً، في عام ٢٠١٦. فقد كانت شرارة البدء في إنتاج العديد من الأعمال على التراث القديم في فترة الخمسينات. كان من إخراج “محمد ياسين” وسيناريو وحوار “محمد أمين راضي” و”نشوى زايد”. وبالحديث عن نجاحه، كان السيناريو واختيار طاقم العمل طفرة قد نتج عنها نجاح المسلسل وانتشار فيديوهاته بين الناس حتى بعد انتهائه، مما جعله عالقاً في أذهان الجمهور حتى الآن.
ما وراء الطبيعة:
تعد سلسلة “ما وراء الطبيعة” للكاتب القدير أحمد خالد توفيق، آخر الأعمال الروائية الدرامية التي تم عرضها على منصة نتفليكس العالمية. وقد تسبب عرض هذه السلسلة في موجة من الإثارة والحماس في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لم نشهدها منذ سنوات. فالسبب وراء هذا النجاح الباهر للمسلسل، هو كاتبه ومخرجه “عمرو سلامة” المعروف دائماً بتمييزه وإتقانه في الأعمال الذي يقدمها وبطله أحمد أمين الذي فاجئ الجميع بأدائه الغير مسبوق في أعماله السابقة.
إعداد: بسنت الفرماوي | مراجعة: هند يونس | إشراف: مصطفى فرحات