ظاهرة شنيعة هي، خطفت الأضواء، ترددت على المسامع وتبادرت في الأذهان، شاعت بين الشعوب واحتلت مختلف الأوطان. إلا أنها تواضعت رغم الاهتمام المبالغ فيه الذي حصلت عليه وظفرت به. فما اتخذت من كلمات اللغة جمعاء إلا واحدة تعرف وتنعت بها، إنها “التعصب”.
التعصب:
- ما كان الاهتمام بها لاستحالة فهمها وما كان شيوعها للإشهار بها وإنما لفظاعتها كنمط فكري متطرف.
- وشناعتها كشعور إنساني داخلي متمرد، ازداد اللجوء إليه وتضاعف الإقبال عليه في الآونة الأخيرة.
- إذ أن كثيرون هم في مجتمعنا الراهن، من صنعوا منه صنما لهم يتعبدون له ويدينون له بالولاء والبراء.
- وغالبا ما يكون دافعه ومسببه الرئيسي هو “الاختلاف” أو هكذا يخيل لهم.
- هذا الأخير بقدر الله ومشيئته هو أساس الوجود البشري وقوامه.
- فما كان من حكمته عز وجل أن يجعل أساس الوجود شيء قد يفسده.
الاختلاف والتطرف:
- وعليه فالاختلاف لم ولن يؤسس لنوع أو آخر من التطرف ولا يمكنه البتة أن ينصب التفرقة قائدة للوجود البشري.
- لكن طريقة التعبير عن هذا الاختلاف تملك هذه السلطة، بل وأكثر من ذلك.
- فطريقة المرء في التعبير عن رأيه المخالف لغيره قد تجعله يكسب القلوب كما قد تولد النفور بينها.
- وقد قيل في هذا الصدد “ما المانع أن نختلف في الرأي ويبقى الود” وعليه فإن الاختلاف أدب والتعبير عنه فن.
- الشيء الذي يجعلنا نعيد النظر في تقنيات التواصل التي نستعملها في حيواتنا اليومية.
- فنختار منها تلك التي ترقى بالإنسان كذات مستقلة في علاقتها مع غيرها من الذوات التي تشبهها في أشياء وتختلف عنها في أخرى و تثري وجوده.
تقبل الرأي الآخر:
- وما من شيء يرقى بالوجود البشري في بعده العلائقي أفضل من تقبل الآخر فضلا عن التعايش معه.
- هذا الأخير الذي يحمل في ثناياه معنى قبول الاختلاف بين العموم بدءا من السلم مرورا على المحبة و وصولا إلى الإيثار.
- قيل أن الكثير من المشاكل ستختفي إذا تعلم الناس الحديث مع بعضهم البعض أكثر من الحديث عن بعضهم البعض.
- و عليه فما من طريقة للتعايش خير من التواصل فضلا عن التعبير الصريح عن ما يخالج النفس والقلب كما صرح الأديب الألماني يوهان غوته: “الكلام الذي يخرج من القلب يكسب قلوب الآخرين”.
- هكذا إذن نخلص إلى أن التعبير عن المشاعر وسيلة وغاية على حد سواء لإحداث قطيعة مع كل أشكال التطرف.
أضحت فلسفة التواصل والتعايش مع الآخر أمرًاا ضروريًا وملحًا في العصر الراهن، إذ أنه سلاح فتاك ضد كل من جحافل العنف التي بدأت تطفو على السطح. هذه الفلسفة جعلت من التعبير عن المشاعر والأحاسيس قوامًا صلبًا لها.
إعداد: هبة لمراني | مراجعة وإشراف: هند يونس
التعليقات