نظر الكثير من العاملين في مجال التربية وعلم النفس السريري لتطوير المفاهيم التطبيقية المتصلة بالسلوك البشري، لما لها من أثر في تحسين نوعية الحياة الاجتماعية.
من هذه التطبيقات مفهوم (تعديل السلوك):
هي عملية تطبيق منظم لمهارات التربية بشكل علمي مدروس بهدف إحداث تغيير مرغوب بشخصية الفرد عن طريق إدخال سلوك سوي ومنع سلوك غير سوي. وقد ظهر أول استخدام للمصطلح عام 1911 في مقال لـ (أدوارد ثورندايك) بعنوان (الشرطية للسلوك المكتسب أو التعلم).
سنتحدث في هذا المقال عن:
- أهداف تعديل السلوك
- خطوات تطبيق تعديل السلوك
- بعض الاستراتيجيات المتبعة في مجال تعديل السلوك
أهداف تعديل السلوك:
لكي ينجح المربي أو المرشد في تعديل السلوك لابد أن يعي أهداف هذه العملية، وبالتالي يحدد أهدافه من الموقف الذي يتطلب تدخل وتعديل. ويمكن حصر أهداف عملية التعديل في النقاط التالية:
- إدراج سلوك جديد غير موجود سابقا، وتعويد الطفل على ممارسته.
- مساعدة الطفل في زيادة ممارسة السلوكيات المرغوبة.
- تقليل السلوكيات الغير مرغوبة اجتماعيا.
- مساعدة الطفل على الاندماج الإيجابي في المجتمع.
- مساعدة الطفل على تخلص من مشاعر الخوف والقلق والإحباط.
خطوات تعديل السلوك:
يحتاج المربي لمعرفة ما هو بحاجة لتنفيذه قبل البدء بالإجراءات الخاصة بالتعديل، فمن هذه الخطوات:
- تحديد السلوك المراد تعديله أو علاجه.
- قياس السلوك المستهدف وجمع البيانات والملاحظات حوله وقياس مدى شدته وتأثيره.
- تحديد الظروف المحيطة بالطفل والتي ساهمت بتشكيل هذا السلوك.
- ملاحظة الاستجابة التي يتخذها أقرانه عند قيام الطفل بالسلوك غير المرغوب.
- تصميم بطاقة إرشادية تحتوي الخطة المناسبة لتعديل السلوك، على أن تتم بأسلوب فني يلقى القبول
- من الأهل والطفل.
- مراقبة فعالية الخطة وتطور النتائج وإخبار بالتغييرات الطارئة.
أهم الاستراتيجيات المتبعة في تعديل السلوك:
تهدف الأساليب المتبعة في تعديل السلوك إلى تحقيق نتائج مرغوبة وتربوية سليمة،بالتالي تحقيق مبدئي الفاعلية والاستمرارية للسلوكيات المرغوبة وفق استراتيجيات مبنية على دراسات وتجارب سابقة، من أهمها:
الاستراتيجية الأولى: التعزيز (Reinforcement)
تتضمن عدة أنواع:
التعزيز الإيجابي:
تعتمد هذه الاستراتيجية على التشجيع والمكافأة المقننة بعد قيام الطفل بالسلوك المرغوب مباشرة مما يؤدي لزيادة احتمال حدوثه في المستقبل.
التعزيز السلبي:
تعتمد على إزالة مثير غير مرغوب لتقوية السلوك المرغوب بعد حدوث هذا السلوك مباشرة. مثال: طفل يقوم بترتيب غرفته (سلوك مرغوب) لتجنب الحرمان من اللعب (مثير غير مرغوب).
التعزيز التفاضلي للسلوك الآخر:
تعزيز الطفل في حال امتناعه عن القيام بالسلوك لفترة زمنية معينة (مع ملاحظة السلوك بعلم الطفل).
التعزيز التفاضلي للسلوك البديل:
تعزيز الطفل عند قيامه بسلوك بديل لسلوك غير مرغوب فيه يراد تقليله.
التعزيز التفاضلي لانخفاض معدل السلوك:
تعزيز الطفل عندما يقلل من حدوث السلوك غير المرغوب في فترة زمنية محددة مسبقا.
الاستراتيجية الثانية: العقاب (Punishment)
العقاب الإيجابي:
تعريض الطفل لمثير مؤلم بعد قيامه بسلوك غير مرغوب. وهو أسلوب يمنع استخدامه كضرب الطفل وتوبيخه، لأنه في الغالب يسبب أذية نفسية للطفل ويجعل انصياعه للأوامر مؤقتا.
العقاب السلبي:
استبعاد مثير سار نتيجة قيامه بسلوك غير مرغوب.
الاستراتيجية الثالثة: الإطفاء (EXTINCTION)
وتعتمد على الامتناع عن الاستجابة لتوقف التدعيم،كأن يقوم الطفل بتصرفات سيئة لجذب الانتباه إليه لذلك يجب تجاهله لفترة محددة ثم تشجيعه عند قيامه بسلوك سوي.
الاستراتيجية الرابعة: العقد السلوكي (Behavioral contracting)
بمثابة اتفاقية مكتوبة بين الطفل والمربي تتضمن السلوك المرغوب الذي يجب على الطفل الالتزام به وما يترتب على هذا الالتزام من مكافأة. ويساعد هذا الأسلوب على زيادة مسؤولية الطفل تجاه تصرفاته كما يساعده على الثقة بنفسه.
الاستراتيجية الخامسة: التلاشي أو السحب التدريجي: (Fading)
يتم اللجوء لهذا الأسلوب لمعالجة مخاوف وقلق الطفل حيال موقف معين. ويعتمد على إزالة السلوك غير المرغوب المرتبط حدوثه في موقف معين من خلال التدريج في تقديم المثير.
مثال:
طفل يكون متحدث بطلاقة بين أفراد أسرته لكنه يشعر بالخجل بين الغرباء، وبالاعتماد على هذه الاستراتيجية يتم تعريض الطفل لموقف مشابه لوجوده بين الغرباء وبشكل تدريجي.
الاستراتيجية السادسة: الاقتصاد الرمزي (The symbolic economy)
تعتمد هذه الاستراتيجية على تقديم التعزيزات والمكافأة مقابل زيادة احتمال حدوث السلوك المرغوب، وتتمثل هذه المعززات بالهدايا الرمزية لتحقيق أهداف البرنامج العلاجي.
الاستراتيجية السابعة: مبدأ بريماك (PREMACK PRINCIPLE)
يقوم على تدعيم السلوك المرغوب بسلوك آخر محبب بالنسبة للطفل. وسُمي أيضا ب”قانون الجدة” لاستخدامه من قبل الجدات قديما. مثل: عندما تقول للطفل تناول الطعام أولا لأسمح لك بتناول الحلوى.
ومع الأخذ بعين الاعتبار هذه الاستراتيجيات المدروسة، من الضروري أيضا الوعي التام للمرحلة النمائية للفرد (العمر) والتركيز على السلوك الظاهر، والصبر في التعامل مع بعض الحالات التي تشكل تحديا بالنسبة للمرشد أو الأهل لأن النتائج تعتمد على مدى الوعي بطبيعة الحالة نفسيا واجتماعيا.
المراجع:
- كتاب (استراتيجيات تعديل السلوك للعاديين وذوي الاحتياجات الخاصة د. طه عبد العظيم حسين
- ورشة عمل (خطة تعديل السلوك) د. عواطف محمود الشريفات
إعداد: مريم الجراقي | مراجعة: هند يونس | إشراف: مصطفى فرحات