تَقول «جين أوستن»: «يبدو أن هناك شيئًا غامضًا في قوة الذاكرة، وإخفاقاتها يَلفت الانتباه مُقارنةً بأي مِن قدراتنا الإدراكية الأخرى»، في حديث «أوستن» يَلفت انتباهنا تجاه أمرٍ هام جدًا ألا وهو «الذاكرة». ما هي الذاكرة؟ وماهي خصائصها؟ هل تمتلك سلبيات يُمكن أن تؤدي بحياة الإنسان أم هناك فقط مميزات؟
ما هي الذاكرة؟
- إنَ الذاكرة تُمَثِل مجموعة مِن القدرات؛ أي انها ليست قدرة منفصلة.
- فهي تلعب دورًا حيويًا في العديد من جوانب وجودنا اليومي.
- ويُعد هذا المجال من أكثر مجالات البحث النفسي خضوعًا للدراسة الشاملة.
- ويرجع ذلك إلى أن الذاكرة عملية نفسية رئيسية، وحسبما صرح «مايكل جازانيجا» – أخصائي علم الأعصاب – بقوله:
- «كل شيء في الحياة ذكرى، باستثناء هوامش بسيطة من الحاضر».
هل الذاكرة مجرد إناء سلبي؟
- علاوة على ذلك، لَيست الذاكرة إناءً سلبيًا، كما أنها ليست بالضرورة تسجيلًا حقيقيَّا لأحداث حياتنا.
- إنها عملية إيجابية وانتقالية لها مواطن قوتها، ومواطن ضعفها.
- في الوقت نفسه تميل ذاكرتنا إلى تسجيل الأحداث المهمة في حياتنا؛ فإننا نقضي جزءًا صغيرًا نسبيًا من وقتنا في محاولة تسجيل الأحداث لنتذكرها لاحقًا.
- إلا إذا وقع حدثٌ بارز تتدخل عندئذٍ العمليات النفسية والفسيولوجية المتعارف عليها، ونتذكر عادةً هذه الأحداث بوضوح كبير.
- فإن الذاكرة لا تعتمد على نية تذكر الأحداث، ولكن يجب أن تُؤثِر الأحداث على «أفكارنا، ومشاعرنا، وسلوكنا».
- كي يوفر ذلك دليلًا كافيًا لذاكرتنا على تلك الأحداث.
نماذج عمل الذاكرة:
- هناك عدة نماذج مُختلِفة لكيفية عمل الذاكرة ترجع إلى العصور الكلاسيكية.
- فمثلًا: شبه أفلاطون الذاكرة بلوح الشمع الذي تنطبع عليه الانطباعات، ثم تحزن بعد ذلك كي نعود إليها، ونسترجعها في وقتٍ لاحق.
- وشبه فلاسفة آخرون في العصور الكلاسيكية الذكريات بطيور في قفص، أو بكتب في مكتبة، مُشيرين إلى صعوبات استرجاع المعلومات بعد تخزينها.
- وقد أدرك المناظرون المعاصرون أن الذاكرة عملية «انتقالية» و«تأويلية».
- بعبارة أخرى، تتسم الذاكرة بقدرة أكبر من مجرد التخزين السلبي للمعلومات.
كيف يتم دراسة الذاكرة في عالم الواقع؟
- فَكما نرى، يُمكِن دراسة الذاكرة بطرق عديدة، وفي مواقف كثيرة؛ فَمِن المُمكن معالجتها، ودراستها في «العالم الواقعي».
- إلا أن معظم الأبحاث الموضوعية التي أُجريت حتى اليوم في مجال الذاكرة اشتملت على أعمال تجريبية.
السمات السبع للذاكرة:
فقد تم بالكاد تحليل الخواص الوظيفية للذاكرة، وتلك هي السمات السبعة التي وصفت بها الذاكرة:
- الذاكرة مهمة للأفراد؛ فهي تلعب دورًا في الفهم، والتعلُّم، والعلاقات الاجتماعية، وفي العديد من الجوانب الأخرى.
- يستدل على وجود ذكرى لحدث قديم، أو معلومة قديمة، كلما أثر هذا الحدث القديم أو المعلومة القديمة على أفكار الشخص، أو مشاعره، أو سلوكه فى وقت لاحق.
- تُلاحظ الذاكرة من خلال الاستدعاء الحر، والاستدعاء التلميحي، والتعرف، وغيرها من التغيرات السلوكية.
- يبدو أن الذاكرة تنطوي على أكثر من نظام أو نوع واحد من العمليات؛ لأن هناك دليلاً على أن أنواع مختلفة من الذكريات يمكن أن تتأثر بشكل مختلف بمتغيرات أخرى.
- تصعب دراسة الذاكرة حيث إنها يجب استنتاجها من سلوك ملحوظ.
- الذاكرة ليست نسخة حقيقية من الحدث القديم، فالأحداث تُبنى عن طريق الأفراد لحظة وقوعها، والتذكر يتوقف على إعادة بناء الحدث أو المعلومة.
- طوّر علماء النفس فهمنا للعديد من المتغيرات التي تؤثر على الذاكرة، ولكن لم يزل هناك المزيد لنتعلمه.
علينا الاعتراف بأن للذاكرة دورًا لا يستهان به في حياتنا اليومية، ورغم أن النوادر والملاحظات الشخصية حول الذاكرة قد تكون تنويرية ومسلية، فإنها غالبًا ما تنبع من تجربة محددة لشخص معين. لذا؛ فمطروح للجدال إلى أي مدى يمكن تعميم هذه الملاحظات بغير استثناء. ومع ذلك على الفرد منا أن يكون أكثر حكمة في استخدام ذاكرته، والاستعانة بالمعينات الفعالة للذاكرة لتوجيهها ومساعدتها في تعلم المعلومة وتذكرها.
كتبتهُ: سماء إبراهيم مراجعة: هند يونس إشراف: محمد جودة