التعليم في مصر يجب أن نتخذه وسيلة وليست غاية، المنظومة التعليمية تشمل كلًا من مسؤولي التعليم من وزير ومساعدين ومدرسين وطلبة وأخيرًا وليس بآخرًا أولياء الأمور. إذا ما كان منا إصلاح درجات قمة الهرم التعليمي المتمثل في الوزير ومساعديه. إذن فيجب علينا إصلاح الدرجات التالية في ذلك الهرم المتمثلة في أولياء الأمور والطلبة. ولكن كيف السبيل إلي ذلك؟
التعليم في الدول المتقدمة:
- للإجابة على ذلك السؤال يجب علينا أن ننظر إلى الدول المتقدمة وما كان سبيلهم في الرقي بالمستوى التعليمي لتلك المكانة المرموقة.
- ومن ثَم نحذو حذوهم ففي تلك الحالة ينظر إلى المحاكاة بأنها شيء جيد وليس بشيء مخذي.
- فلقد شاهدت منذ عدة أيام فيديو خاص بمجموعة من الأطفال بين أعمار التاسعة والثانية عشر.
- وكان جزء من الفيديو يدور حول سؤال “ماذا تود أن تصبح عندما تكبر وتتم دراستك؟”
- وقد كانت حقًا إجابتهم تستحق أن يُرفع لها القبعة احترامًا، كانت الإجابات “عامل إطفاء، بنّاء، مدرس، عامل نظافة، طباخ، صانع حلوى.
- وغيرها من المهن التي لا غني عنها في أي مجتمع، وبالحديث عن ذلك فقد كان ذلك الفيديو في إيطاليا.
ماذا تختلف تلك الدولة عن هنا؟
- بالتأكيد إن ذلك الفيديو لم يتم تصويره في مصر؛ نظرًا لأن عقول أولياء الأمور والطلبة – بالطبع – مبرمجة على مهن الطب والهندسة.
- حتمًا ولابد يجب أن يتغير ذلك الفكر التقليدي المترسخ في أذهاننا جميعًا نظرًا لأنه ليس صحيحًا بشكل مطلق.
- يجب أن نقوم بحملات توعية لأولياء الأمور حول المهن المرموقة الأخرى التي لا تقل أهمية عن مهن الطب و مثيلاتها.
- علي سبيل المثال إذا حدث حريق ما في أحد المدارس من المسعف الأول لمثل هذا الحادث هل هو الطبيب أم عامل الإطفاء؟
- بالتأكيد هو عامل الإطفاء لأننا لن نستطيع إنقاذ تلك الأرواح إلا بعد إخماد تلك النيران ومن ثَم يأتي دور الطبيب المعالج.
- ولكن حقيقةً هناك مهن أخرى إذا نظرنا بتمعن لذلك الموقف، هناك سائق عربة الإسعاف وممرضي المشفى وشرطيين المرور.
- وغيرهم الذين قاموا بدور لا يقل أهمية عن دور الطبيب الذي ينسب إليه الفضل الأول والأخير.
توعية أولياء الأمور ثم الطلاب:
- بداية يجب أن نقوم بتوعية أولياء الأمور ومن ثم توعية الطلبة، يجب أن نجعل عقولنا أكثر مرونة وتحضرًا.
- يجب أن نحترم عقول أبنائنا ومواهبهم وآراءهم والأخذ بها في عين الاعتبار.
- على سبيل المثال: إذا كان ابني لديه شغف حيال الرسم والفنون بشكل عام وحصل علي مجموع 99.9 % في الثانوية العامة.
- بالكاد سنسأل سؤالنا المعتاد “علمي ولا أدبي؟”، وإذا كان الجواب “علمي علوم” ستكون الردود حينها تتمحور حول “كليات البالطو الأبيض”.
- وإذا كان “علمي رياضة” سيكون حينها الرد حول كليات “مسطرة هندسة”، وإذا كان “أدبي” فستكون الردود حينها “سياسة و اقتصاد، إعلام”.
- ويرجع ذلك لمسمى واحد فقط وهو “الاستخسار ويا حرام!”، أي أن الآباء حينها يتراود علي أذهانهم أنه من غير المعقول أن يذهب ذلك المجموع الخزعبلي.
- لكلية من شأنها أن توظف مواهب ابنه/ابنته، من شأنها أن تجعلهم ذوي نجاح ومكانة مرموقة يوماً ما.
- وتلك الفكرة يجب أن يتم التعامل معها معاملة فتيات الجاهلية.
سوف أختم كلامي بكلام مقتبس عن الشاعر -عبد العزيز الدريني-
مشيناها خطى كتبت علينا .. ومن كتبت عليه خطى مشاها
ومن كانت منيته بأرض .. فليس يموت في أرض سواها
عن الأبيات:
- والهدف من إتياني بتلك الأبيات الجليلة هو التقليد الأعمى الذي نحن بصدده خاصة في الوقت الراهن.
- كتبت تلك الأبيات في وصفه للقضاء والقدر وأن الموت مقدر لك حتى ولو كنت في بروج مشيدة.
- ولكننا بصدد تكرار ذلك البيت كثيرًا مؤخرًا -بعد تعديله- “خطي كتبت علينا … مشيناها”.
- وأصبحنا نطلقها على شتى أمور حياتنا حتى في النظام التعليمي.
- حيث أخذ أولياء الأمور يطلقون على النظام التعليمي الخاطيء وتلك المعتقدات “الاستخسار” وغيرها بأنها خطي كتبت علينا مشيناها.
- لكن في واقع الأمر هي ليست بخطى كتبت علينا فوجب أن نمشيها؛ بل هي خطى كتبت وليس بالضرورة الالتزام بها بل علينا تغييرها.
إعداد: إسراء شرف | مراجعة: هند يونس | إشراف: محمد جودة
التعليقات