يُعد التركيز من أولى خطوات النجاح، والوصول إلى الأهداف، وقد يمتلك البعض الطاقة اللازمة لتحقيق الأهداف، ولكنهم قد لا يستطيعون تركيزها، وتوجيهها بطريقة تخدم أهدافهم، ونجد أن طاقاتهم مُشتتة بين أمور عدة، مما يجعلهم غير قادرين على إنجاز المهام كما ينبغي، أو كما كانوا يتوقعون.
– كيف نُركز؟
- ويحثنا الإمام الشافعي رحمه الله على التركيز في قوله: «اعرف كل شيء عن شيء، واعرف شيء عن كل شيء».
- وهذا يُعني أننا لابُد أن نختار مَجالًا محددًا، أو تخصصًا بعينه ونركز ونتعمق فيه، ونعمل جاهدين على تعلمه وإتقانه لكي نستطيع أن نبدع فيه.
- وكذلك يُشير أيضًا أن علينا أن نمتلك بعض المعلومات والمعارف عن المجالات والتخصصات المختلفة حتى لا نشعر بالجهل تجاه العلوم الأخرى.
- وإذا كنت من هؤلاء الذين يرغبون بإنجاز أهدافهم ولكن يفتقرون إلى التركيز، فعليك أن تعقد العزم ولا تيأس.
- وتحاول مرارًا وتكرارًا أن تتعلم هذا الفن (التركيز) الذي سوف يُوفر عليك الكثير من الجهد الضائع، والوقت المُستنزف في أشياء لا قيمة لها، وتُعيقك عن المسار الصحيح في الوصول إلى أهدافك.
– تعريف التركيز:
يُعرفه «وجيه محجوب» بأنه تجميع الأفكار وتثبيت الانتباه لتحقيق الهدف، والقدرة على تجاهل كل ما يشتت الفكر والاستمرار في متابعة الأمور المهمة فقط.
– معوقات التركيز:
1. الأصوات العالية والضوضاء الصادرة من التليفزيون، وسائل النقل بالشارع والأحاديث الجانبية.
2. انشغال الإنسان بالقيام بأعمال عديدة في اليوم الواحد.
3. تعدد المهام وكثرتها.
4. سرعة الأحداث وكثرتها وتنوعها.
5. زيادة المعلومات، وكثرتها، وتنوع مصادرها.
6. عدم تحديد هدف واضح.
– عوامل زيادة التركيز:
هناك عدة عوامل تساعدك على التركيز نذكر منها:
1. افعل شيء واحد في وقت واحد محدد.
2. التفكير في شيء واحد بشكل كامل.
3. عدم السرعة في الانتقال من نقطة إلى أخرى.
4. استبعاد العوامل الأخرى التي قد تؤدي إلى التشويش.
5. كلما كانت البيئة المحيطة هادئة ومناسبة ودرجة الحرارة والإضاءة مناسبة..إلخ كلما زاد التركيز.
6. كلما كان هناك حوافز على الحفظ، والتعلم، والفهم، والاهتمام كلما زاد التركيز.
7. كلما كانت هناك فترات للراحة كلما زاد التركيز.
– أساليب تحسين التركيز:
- وإليك بعض التدريبات التي قد تُساعدك على التركيز، والتي تُعد من أهم التدريبات المُحفزة للمخ.
- حيث أوضحت صور الأشعة التي تم إجراؤها على المخ أن تُدفق الدم للمخ يزداد بشكل مباشر عند تنبيهه.
- حيث يُشجع ذلك على نمو المحاور، والشجيرات العصبية، وزيادة قوتها، وفاعليتها ومنها:
– تدريب 1: التركيز على طريقة التنفس
ويُعد من أكثر الأساليب فاعلية في المُساعدة على التأمل.
المهمة: أغلق عينيك، وتنفس بعمق وبشكل منتظم كما يلي:
- استنشق الهواء من خلال أنفك ببطء وعمق حتى تشعر بامتلاء الجزء السفلي من صدرك و بطنك مثل: البالونة، واحتفظ بهذا النفس لمدة خمس ثوان، ثم أخرجه بعمق مثلما يحدث عند تفريغ البالونة، واستمر في هذا الوضع لمدة خمس ثوان.
- ركز على انتباهك على تدفق الهواء داخل جسمك وخروجه منه، وإذا وجدت أن تركيزك ابتعد عن متابعة عملية التنفس.
- فعد إلى التركيز على صعود صدرك وهبوطه، كرر هذا الأمر لمدة خمس دقائق، ثم تنفس بعد ذلك بصورة طبيعية.
– تدريب 2: التخيل
المهمة: اجلس في وضع مريح وأغلق عينيك، ثم تخيل أن هناك كوبًا من الشاي أو القهوة موضوع أمامك على منضدة.
- والآن مد يدك وتخيل أنك تلتقطه من على المنضدة، إنه كوب كبير ومعه الطبق الخاص به.
- تخيل أنك تشعر بصلابة الكوب ووزنه عندما ترفعه وتمسكه بأصابعك ثم تخيل أنك تقرب الكوب من شفتيك، وانظر إلى شكله وهو يميل ناحية شفتيك، وإذا شعرت انك تناولت كوبًا من الشاي بالفعل فإنك ستكون نجحت في هذا التدريب.
- ملحوظة: ولكي تُحسن من قدرتك على التخيل، يجب أن تركز على التفاصيل وأن تستخدم جميع قدراتك على التخيل.
– تدريب 3: تغيير الحالة المزاجية
- إن أفكارك ومشاعرك -مثل ذكائك- يمكنك تغييرها بسهولة، وعلى الرغم من تأثير الأفكار السلبية والقلق والخوف على قدرتك على التركيز.
- فمن الممكن تغيير ما تشعر به، ومثلما يمكنك تنشيط عقلك باستخدام أساليب بسيطة، يمكنك التغلب على الأفكار والمشاعر السلبية أيضًا.
المهمة: عندما تشعر بالاكتئاب خد حمامًا، وقم بتغيير ملابسك، أو تنظيم مكتبك، اذهب في نزهة بسيطة لتجديد نشاطك، أو استمع إلى أنغام الموسيقى.
- أما إذا كنت في المنزل فقم بتنظيف غرفة المعيشة أو افتح النافذة أو قم بتغيير ملاءات السرير، وأثناء قيامك بهذه المهام البسيطة، تخيل أن مخاوفك وأحزانك مكتوبة على ورق، وأنك تمزق كل ورقة و تلقيها في سلة المهملات، وبعد ذلك حول تركيزك على كل ما هو جيد فى حياتك، وفكر فيما يجعل لحياتك أهمية.
- وإذ لم ينجح هذا الأمر، فربما يجب أن تسمح لنفسك بالبقاء في هذه الحالة المزاجية السيئة لبعض الوقت.
- فعلى سبيل المثال، إذا فقدت شيئًا، أو شخصًا عزيزًا، فقد تحتاج إلى البكاء لمدة طويلة.
- أما إذا كنت تشعر بالغضب، أو الإحباط فقد تحتاج إلى التحدث بخصوص هذا الأمر لإحراج شحنة الغضب الموجودة داخلك.
- ومن الجدير بالذكر أن المواقف السيئة تنتج عادة عن المشاعر المكبوتة، والتي تُؤثر على تركيزك حتى تجد أي وسيلة للتنفيس عنها.
– تدريب 4: التركيز فى كلمة أو جملة معينة أو مقطع صوتي معين
- يعتمد هذا التدريب على زيادة القدرة على التركيز من خلال التأمل.
- ومن المعروف أن الكلمات والأصوات تنتج عنها ذبذبات يمكن استخدامها في عملية التأمل، سواء أكانت منطوقة أو غير منطوقة.
المهمة:
- أغلق عينيك وتنفس بعمق وبشكل منتظم، وركز على كلمة أو جملة لها معنى بالنسبة لك؛ مثل حكمة أو اسم أو مقطع صوتي، وكرر هذه الكلمة في ذهنك مع كل نفس تطلقه.
- فإذا تشتت انتباهك، فعد إلى التركيز على هذه الكلمة مرة أخرى مع تكرار ذلك مع كل نفس، وتنجح في هذا التدريب إذا تمكنت من القيام به لمدة خمس دقائق دون الشعور بالنعاس أو الملل.
- ولا تزيد مدة التدريب إلا عندما تشعر بالاستمتاع أثناء الخمس دقائق، ويصبح هذا التدريب سهل بالنسبة لك وقتها تتمكن من زيادة المدة إلى 15 أو 20 دقيقة.
ملحوظة:
- إذا لاحظت أن عقلك يركز على شيء مختلف عما تحاول التركيز عليه فقل لنفسك «انتبه الآن»، وعد إلى التركيز مرة أخرى، ولكن لا تقس على نفسك، ولا تحاول أن تجبرها على التركيز.
- وخصص وقتًا للتفكير فيما يقلقك أو للاستغراق في أحلام اليقظة، فقد أثبت الأبحاث أن الأشخاص الذين يخصصون وقتًا للتفكير فيما يقلقهم تقل نسبة تعرضهم للقلق بشكل كبير، ولكن لابد ألا يكون هذا الوقت قبل النوم حتى لا تؤرق نفسك.
– تدريب 5: الاستفادة من تشتت الذهن
- وذلك لاستخدام الأفكار غير محددة لاكتشاف الطريقة التي يعمل بها المخ.
المهمة:
- استرخ وتنفس بعمق لعدة دقائق، واستقر في وضع هادىء تمامًا، بعد قليل، سوف يبدأ عقلك في الشرود، فلا تحاول أن توقفه، بل دعه يشرد كما يريد.
- وراقبه كما لو كنت متفرجًا، ولا تحاول أن تجبر نفسك على التفكير في أشياء إيجابية أو دفع الأفكار السلبية السيئة.
- بعد قليل، سوف تلاحظ مدى تقلب أفكارك وكيف تظهر في ذهنك ثم تنساب خارجه.
- إذا استطعت القيام بذلك لمدة 10دقائق، فسوف تبدأ في التعرف على معلومات شيقة حول عقلك.
- على سبيل المثال سوف تكتشف الأفكار التي تسيطر على عقلك والأفكار التي تخرج منه بسرعة.
- وإذا نجحت في القيام بهذا التدريب لمدة 5 دقائق فهذا أمر جيد.
- وتستطيع أن تزيد مدته إلى 10 دقائق ثم 15 دقيقة ثم 20 دقيقة، وحاول أن تكتشف ما يصرف انتباهك عنه.
قد تحتاج هذه التدريبات إلى المزيد من الممارسة والتكرار والصبر حتى تصل إلى مستوى جيد من التركيز يمكنك من بلوغ أهدافك، وعليك أن تعلم يا صديقي أن لا نجاح يأتي من لا شيء، فلكي تنجح فعليك التحلي بمقومات النجاح، وأن تضع نصب عينك أن التركيز من أولى خطوات النجاح، فإن أتقنته فأنت في طريقك لأهدافك، وعند قيامك بأي عمل تريد إنجازه تذكر أن من انقطع لشيء بلغه فعليك.
إعداد: سمر عثمان | مراجعة: سماء إبراهيم، هند يونس | إشراف: محمد جودة