يَكاد يكون من المستحيل أن نعيش بدون قلق أو خوف، ورغم أن الأحداث والظروف والعلاقات التي تُسبب القلق تختلف من شخص لآخر، إلا أننا غالبًا ما نشعر بالقلق، وذلك من بداية أمور الحياة اليومية البسيطة كاجتياز الشارع إلى اتخاذ قرارات مهمة في الحياة مثل: اختيار التخصص أو شريك الحياة، ويُعد القلق جزء من الحياة البشرية، ولكن تزايد هذا الشعور الغامض يجعله يصل إلى حد الاضطراب الذي يحتاج إلى مساعدة خارجية.
– أولًا: الفرق بين القلق والخوف
- عادة ما يكون القلق والخوف وحدة ملتصقة، ولكن هناك بعض الفروق بينهم والتي تتمثل في أن القلق شعور غامض مجهول السبب، وقد يُسبب الصراع، والتهديد الداخلي.
- أما الخوف فهو شعور بالتهديد الخارجي نتيجة سبب محدد ومعروف، ولا يعاني الفرد فيه من الصراع.
- كما أن القلق الشديد تُصاحبه مجموعة من التغيرات الفسيولوجية والتي تتمثل في زيادة ضغط الدم، ضربات القلب، توتر العضلات، مع تحفز وعدم استقرار وكثرة الحركة.
- أما الخوف الشديد فيُصاحبه تغيرات فسيولوجية أيضًا تتمثل في انخفاض ضغط الدم وضربات القلب، وارتخاء في العضلات مما يؤدي أحيانًا إلى حالة إغماء.
– ثانيًا: الأعراض الإكلينيكية للقلق النفسي
نستطيع حصرها في نوعين من القلق لكل منهما أعراضه الخاصة:
1. القلق الحاد: وأعراضه النفسية تتلخص في:
أ- حالة الخوف الحاد “Panic State”:
- حيث يظهر التوتر الشديد والقلق الحاد المصحوب بكثرة الحركة أو عدم الاستقرار مع سرعة التنفس، والكلام السريع الغير مترابط.
ب- حالة الرعب الحاد “Terror State”:
- وأهم ما يميز هذه الحالة هو عدم الحركة والسكون المستمر مع تقلص العضلات والارتجاف مع ظهور عرق بارد غزير.
ج- إعياء القلق الحاد “Anxiety Exhaustion syndrome”:
- مع استمرار القلق يُصاب الفرد بإجهاد جسيم، ويُصاب بالأرق الشديد لعدة أيام، وينعكس هذا الإعياء على وجه وسلوك وانفعالات ولغة الشخص المنهك.
2- القلق المزمن:
- هو مرحلة تالية من الإصابة تنتج من خلال استمرار القلق لمدة طويلة دون علاج وله العديد من الأعراض والعلامات:
أ- الأعراض الجسمية:
- حيث تتأثر جميع أجهزة الجسم الحشوية.
- ولذا من المتوقع أن يشكو الشخص من العديد من الأعراض الخارجية: بالجهاز القلبي الدوري، الجهاز الهضمي، الجهاز التنفسي، الجهاز العصبي، الجهاز البولي والتناسلي، والجهاز العضلي، الجلد، والغدد الصماء.
ب- الأعراض النفسية:
- الخوف، والتوتر أو التهيج العصبي.
- ضعف القدرة على التركيز.
- فقدان الشهية للطعام.
- تناول الخمر أو العقاقير المنومة أو المهدئة.
- الأمراض السيكوسوماتية.
– ثالثًا: التعامل مع القلق
- يذكر «كوام مكنزي» أن هناك أربع مراحل للتعافي من القلق قد تمر بها وصولًا إلى بر التعافي، فمن الممكن أن تتعافى في مرحلة من هذه المراحل التي تُشكل طريق الشفاء.
1. قم بزيارة طبيب عام من أجل تشخيص سليم:
حيث أن التشخيص السليم يُعد منبئًا للعلاج السريع.
2. ابحث عن المعلومات الخاصة بحالتك:
– وذلك من خلال قراءة الكتب، أو حاول الانضمام إلى مجموعة مساعدة ذاتية قد يوصي بها طبيبك العام، أو تقوم أنت بإيجادها عبر شبكة الإنترنت.
– إضافة إلى برامج أخرى يُمكنك الحصول عليها للاستخدام المنزلي على الكمبيوتر، والتي قد تساعدك في التغلّب على مخاوفك.
– ومن الممكن أن تقوم بالأمر بمُفردك، إلا أنها ليست فكرة سديدة أن تتقبّل أي مساعدة يتم عرضها عليك.
– كما أن الحصول على أكبر كمٍ من المعلومات الممكنة والارتباط بمجموعة مساعدة ذاتية تُعتبران طريقتين مهمتين للتأكد من أنك لا تزال على الطريق الصحيح.
– ويجد بعض الأفراد أن الثقافة والمساعدة الذاتية كافيتان للتغلّب على قلقهم.
3. ابحث عن مساعدة مُعالجٍ مناسب.
4. إذا لم يكن العلاج مفيدًا، قم بزيارة طبيبك العام من جديد لمُراجعة خياراتك.
– رابعًا: علاج القلق
هناك أنواع مختلفة من علاجات القلق نذكر منها:
أ. علاج القلق عبر العقاقير، ومن أمثلتها:
– أدوية البنزوديازيبين:
- والذي يعمل على تخفيف القلق وجعل الأعصاب أقل انفعالًا، ويوصف في حالات القلق الشديد الغير مُحتمل، ويجب ألا يُوصف في حالات القلق الخفيف.
- ولا ينبغي تناوله بدون استشارة طبيب حيث أن تناوله بعد عدة أسابيع قد يؤدي إلى الإدمان.
– الأدوية المضادة للإكتئاب:
- ومع أنها مضادات للاكتئاب في أساسها التصنيفي، إلا أنها من أكثر العقاقير المُستخدمة في علاج القلق.
– كيف يُمكن علاج القلق النفسي؟
تتعدد أنواع العلاجات النفسية ونذكر منها:
• العلاج الإدراكي:
- يُعطي العلاج الإدراكي نتيجة في فترة زمنيٍة ٍ قصيرة إلى حد ما ويمكنك الحصول على هذا العلاج من منطلق العلاج الذي يعتمد على التحدث بين شخصين.
- أي أنت والمعالج فقط، أو بالانضمام إلى مجموعة، ويتضمن هذا الشكل من العلاج جعلك تفكر بالأسباب التي أوصلتك الى حالة القلق هذه.
- وتتحدى الأسباب التي تجعلك قلق.
- ويهدف هذا النوع من العلاج إلى جعل الفرد يتطرق إلى التفكير بطرق منطقية وذلك يمنع ازدياد الخوف.
• العلاج الإدراكي – السلوكي:
- يُعد هذا النوع من العلاجات الناجحة والفعالة في حالات القلق.
- وفيه يتعرض الفرد لمخاوفه، ويُحاول التحكم في مشاعر القلق التي تنتابه.
- ويتضمن النظر في مشاكل الفرد، وتفحص نماذج من تصرفاته وأفكاره.
- وإيجاد طرق لتغيير الأفكار والتصرفات السلبية التي تقود إلى القلق.
- بعدئذٍ يخرج الفرد ليُطبق ما تعلمه في الجلسات في العالم الخارجي، وذلك في الفترة التي تفصل ما بين جلسات العلاج.
– خامسًا: بعض النصائح للتغلب على مصادر القلق
1. تجنب أن تُعالج قلقك باللجوء إلى التدخين، أو الإسراف في تناول المنبهات.
2. لا تُهمل ممارسة الرياضة للتخفيف من التوتر كالمشي أو الجري مثلًا.
3. لا تُهمل الاسترخاء، ومارسه كأسلوب حياة.
4. احصل على قسط كافٍ من النوم والراحة حتى تُجدد طاقتك.
5. عندما تشعر بأن القلق يَمنعك من القيام بدورك، ويُعطل سير حياتك؛ عليك أن تتوقف وتُفكر جديًا في العلاج.
6. تذكر أن الحياة ليست معركة أو ميدانًا نتقاتل فيه.
7. استثمر وقتك على نحو أفضل وخطط لأي عمل مفيد.
ابتسم، اضحك، تفائل، تواجد في أماكن ومع أشخاص يدفعونك للمرح، تواجدك في وسط أشخاص مرحين يجعلك مثلهم. الضحك وتناسي الأحزان يكون كالشجرة التي تقف أمام عنف الرياح ومع الضحك حتى وإن كان مصطنعًا، في البداية يحدُث استرخاء في العضلات و يفرز مادة (الأندروفين)، وهي مادة بطبيعتها مسكنة للآلام، فلماذا لا تبتسم يا صديقى حين تتوتر، وحين تشعر أنك تقف وجهًا لوجه أمام الأزمات.
إعداد: سمر عثمان | مراجعة: سماء إبراهيم، هند يونس | إشراف: محمد جودة