ميَز الله تعالى الإنسان بالعقل، ووهبه القدرة على التفكير، والابتكار، والإبداع، ومُحاوَلِة إيجاد حلول للمواقف، والمشكلات التي تُواجهه في حياته اليومية. وكما أن التفكير سلوك هادف؛ فَهو لا يحدث فِي فراغ أو بلا هدف، وإنما يَحدُث فِي مَواقف معينة، وهو سلوك تَطوري يتغير كمًا، ونوعًا تبعًا لنمو الفرد، وتراكم خبراته. والجدير بالذِكر أن لكل مِنا أساليبه الخاصة فِي التفكير، وأن الفرد لا يستخدم أسلوبًا واحدًا فِي التفكير بل يَختلف الأسلوب الذي يتبعه الفرد وفقًا للموقف الذي يَمُر به، ومقتضياته، والأسلوب المُناسِب له، حيثُ أن التفكير الذي يستخدمه الفرد فِي حل المسائل الفيزيائية، أو الرياضية يَختلِف عن الأسلوب المُستخدم فِي المواقِف الاجتماعية.
تعريف «أساليب التفكير»
- لقد حدد «هاريسون وبرامسون» “Harrison” & “Bramson” أساليب التفكير بأنها «مجموعة من الطرق أو الاستراتيجيات الفكرية.
- التي اعتاد الفرد أن يتعامل بها مع المعلومات المُتاحة لديه عن ذاته أو بيئته؛ وذَلِك حيال ما يواجه من مشكلات».
- ويرى «هاريسون وبرامسون» أن الأسلوب الذي يُفَكِر به الناس هو المفتاح الأساسي للفروق الفردية الرئيسية الموجودة بين البشر.
وقد صنف هاريسون وبرامسون (2008) أساليب التفكير إلى خمسة أنواع وهي كالآتي:
1. الأسلوب التركيبي:
- يعني بالضرورة القيام بعمل شيء جديد وأصيل، ويختلف تمامًا عما يَفعله الآخرون.
- والعملية المفضلة عِند الشخص التركيبي هي التأملية، يفضل الشخص التركيبي الدمج و التكامل.
- كما يتطلع إلى العمليات التأمُلية التي تُنتِج الحل الأفضل.
- بالإضافة إلى ذلك نجده يقوم بربط وجهات النظر التي تبدو مُتعارضة أو مُتناقضة.
2. الأسلوب المثالي:
- يُركز الفرد المثالي اهتمامه على ما هو مُفيد بالنسبة للناس والمجتمع معًا، وله وجهات نظر واسعة تجاه الأشياء.
- فيميل إلى التوجه المُستقبَلي، والتفكير في الأهداف.
- كما يُفضِل التفتُح والتقبل، يَتشابه الشخص المثالي، والتركيبي في التركيز على القيم أكثر مِن الحقائق.
- ولكنه يَختلِف عنه في رؤيته للصراعات غير المُنتِجة.
الأسلوب العملي:
- يَهتـم الشخص العملي بالتحقق مِمَا هو صحيح أو خاطىء، باستعمال خبرته الشخصية المباشرة.
- وهذا يُعطيه حُرية التجريب، وهو يَتناول المشكلات بشكل تَدريجي، ويَميل البحث إلى الحل السريع.
الأسلوب التحليلي:
- يُواجِه الفرد ذو التفكير التحليلي المشكلات بحرص، ومنطقية، وبطريقة مَنهجية، مَع الاهتمام بالتفاصيل.
- ويُفَضل التوجيه والإرشاد، وأكبر ما يُمَيز سلوك الشخص التحليلي البُعد عَن الظهور بالعواطف، والاستمتاع بالاختبارات العقلانية.
- وكرهه لكل ما هو غير عقلاني، نجده يميل إلى الاستقرار، والعقلانية.
الأسلوب الواقعي:
- يُفضِل الشخص الواقعي المُلاحظة والتجريب، وتركيزه يَكون على الاستنتاجات وليس الحقائق.
- وأكثر ما يُمَيزه التعبير عن آراءه؛ الاختصار فِيما يعرضه؛ واتسامه بالصراحة والايجابية.
إضافة لِكُرهه للحديث النظري، والجوانب الذاتية، والعاطفية، وغير العملية.
خصائص أساليب التفكير
يصف «ستيرنبرج ـ Sternberg» خصائص أساليب التفكير كما يلي:
- تفضيلات في استخدام القدرات، وليست القدرات نفسها.
- يمكن أن تكتسب من خلال التطبيع الاجتماعي.
- تختلف باختلاف الحياة (أي أنها ديناميكية، وليست استاتيكية).
- يمكن تعليمها، وقياسها.
- الأفضل في وقت ما قد لا يكون الأفضل في وقت آخر.
- الأفضل في مكان ما قد لا يكون الأفضل في مكان آخر.
- ليست جيدة أو رديئة، ولكن السؤال هنا هو «ما هو الأسلوب الأفضل لهذا الموقف؟».
- التنسيق بين الأساليب، والقدرات يؤدي إلى توليفة أكبر من مجموع أجزائها (بمعنى أن الأساليب مهمة لنوعية العمل الذي نختار).
- اختيارات الحياة تتطلب ملائمة الأساليب وأيضًا القدرات.
- الأفراد يكون لديهم مجموعة من الأساليب وليس أسلوبًا واحدًا فقط، إذ يميل الفرد إلى أسلوب واحد داخل كل فئة.
- الأفراد يتباينون في كل من: قوة تفضيلهم للأساليب، ومرونتها الأسلوبية.
الوسائل التي تساعد في تنمية أساليب التفكير
وأخيرًا نُشير إلى أن أساليب التفكير مُتعددة، ويُمكِن تنميتها وتطويرها، ومِن الوسائل التي تُساهِم في تنمية أساليب التفكير ما يلي:
- الأسئلة والعبارات التي تعمل على إثارة استدعاء المعلومات لدى الفرد أو، التلميذ.
- العمل على إثارةالتفكير في كل المواد ولكن دون إغفال تلك المواد المُعدة خصيصًا لتعلم التفكير، ولكن دون أن نكتفي بها عن باقي المواد الأخرى التي ليست مُصممة مُباشرة لتعليم التفكير وأساليبه.
- يُعتَبر المعلم أبرز مَن يستطع تحريك نشاط التفكير عند الطلاب، ويجب عليه أن يكون نموذج السلوك المَعرفي الذي يُظهِر في الحياة.
- جعل المعلومات التي يَجمعها التلاميذ ذات معنى؛ مِن خلال إدراكهم للعلاقات المُختلفة بينها كالسبب والنتيجة، والتحليل، والتركيب، والمقارنة، والإيجاز، والتبسيط، والتلخيص.
- ومن الوسائل التي تعمل على تنمية التفكير وأساليبه استخدام محكات متعددة للتقييم، وهذا ما على المعلم تشجيعه لديهم.
إعداد: سمر عُثمان | مراجعة: سماء إبراهيم، هند يونس | إشراف: محمد جودة