لم يكن الشعر العربي في القرنين الآخيرين بمعزل عما يدور في العالم من أفكار، فقد تأثر الشعراء بالمدارس الشعرية القديمة أو ما تعاهد النقاد على وصفه بالكلاسيكية وظهر ذلك جليًا بمدرسة الإحياء وأبرز شعرائها سامي البارودي، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم لعل أفضل نموذج لهذه المدرسة قصيدة نهج البردة لشوقي.
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ … أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا …. يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً …. يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
الحداثة في المذهب الرومانسي:
- قد أفرزت الحداثة المذهب الرومانسي القائم في الأساس على رفض القديم جملة ومحاولة الغوص في أعماق الذات معتمدًا الخيال والرمز وما يُعرف بتراسل الحواس ومحاولة إدراك الكمال.
- وقد شاع بين أبناء هذه المدرسة الشعور بالألم والقلق وتميزت أشعارهم بالانغماس الشديد في الذات.
- انتشر هذا المذهب بعد الثورة الفرنسية في أوروبا وأبرز أعلامه فيها «جان جاك روسه» والشاعران «بودلير» و«دي موسيه».
- أما في العالم العربي فقد كانت مدرسة الديوان من امتداداتها في رفض القافية والتجديد في أغراض الشعر ويعتبر المازني والعقاد وعبد الرحمن شكري أبرز أعلام هذه المدرسة.
- كما تأثر شعراء المهجر بهذه المدرسة وكان من روادها ميخائيل نعمة ومن أبرز أعماله الشعرية النهر المتجدد.
- وكذلك ظهرت هذه المدرسة لدى شعراء التفعيلة كبدر شاكر السياب وكذلك بعض أشعار الشابي والتي نورد منها هنا مقطعًا من قصيدة نشيد الجبار
سأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأعْداءِ …. كالنّسْرِ فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّاءِ
أرْنو إلى الشَّمْسِ المُضيئَةِ هازِئًا …. بالسُّحْبِ، والأمْطارِ، والأنْواءِ
لا أرمُقُ الظِّلَّ الكَئيبَ ولا أرى …. ما في قَرارِ الهُوَّةِ السَّوْداء
الحداثة في المذهب الواقعي:
- وعلى نقيض هذا المذهب أفرزت الحداثة المذهب الواقع وهو ككل الحداثة رافض للكلاسيكية يصفها دومًا بالرجعية ويُستمد من الطبيعة بشكل مباشر.
- وقد جاء للرد على الرومانسيين وأطروحتهم وقد تميز بنقد الواقع ووصف الطبيعية كما غلبت على معتنقيه النزعة للنثر عمومًا لانه بالنسبة لهم أقرب للغة الناس.
- امتازت أعمال هذا المذهب بالبساطة في اللغة والبعد عن الابتذال والتركيز على التحليل والغوص في أعماق الأفكار والبعد عن السطحية وعابت على الرومانسية بعدها عن العقل وغوصها بالخيال وجاءت مصاحبة غالبا بقصيدة النثر واستخدام مصطلحات عامية ومن أبرز رموزها في العالم العربي الشاعر «صلاح عبد الصبور» ونورد هنا نموذجًا من شعره.
الناس في بلادى جارحون كالصقور
غناؤهم كرجفة الشتاء في ذؤابة الشجر
وضخكهم يئز كاللهيب في الحطب
خطاهمو تريد أن تسوخ فى التراب
ويقتلون، يسرقون، يشربون، يجشأون
لكنهم بشر
وطيبون حين يملكون قبضتي نقود
ومؤمنون بالقدر
إعداد: معاذ الزبيدي | مراجعة: هند يونس | إشراف: محمد جودة