قد هلَّ علينا شهر أغسطس بنفحاته، ومواليده مما يذكرهم التاريخ ومما واراهم الثري، وقد مُنح الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية «باراك أوباما» الحياة في الرابع من أغسطس 1961م، ليبدأ معاناة الميلاد لأم أميركية بيضاء البشرة وأب كيني أسود اللون، ليظل طوال حياته يكافح ضد العنصرية ويُطالب بالمساواة، فهل تغيرت حياته بنضاله؟ هذا ما سنعرفه في السطور اللاحقة.
«وأظن أنهم يفكرون في أنفسهم في قلبي المضطرب والدم الخليط والروح الممزقة. والصورة المخفية للإنسان الخليط البائس المولود من أب زنجي وأم بيضاء، الذي يقع أسيرًا بين عالمين».
كلمة يلقيها أوباما:
- هكذا جاءت كلمات أوباما في رواية «أحلام من أبي، قصة عرق وإرث» معللًا شعوره بالنبذ والدونية وما سببَ له النزاع النفسي وفقْد هويته منذ صغره.
- كما يذكر أنه أُصيب بحالة من الوحدة والانعزال، وأصبح منغلق علي ذكرياته.
- يذكر أوباما أنه عاش فترة من فقدان الهوية لمدة طويلة.
- مما دفع به للمشاركة في العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية في الجامعة ومرحلة ما بعد الجامعة.
طفولة أوباما:
- عاش أوباما مع والدته الأميركية الشابة بعد انفصالها عن والده وهو لم يتجاوز العامين بعد.
- ثم ما لبثت الأم بأن تزوجت بشاب إندونيسي مما ساعد أوباما علي اتقان اللغة الإندونيسية كذلك.
- هكذا سيخطر للجميع، طفل يشعر بالدونية والنبذ؛ فهو أسود اللون لأم بيضاء البشرة، مذبذب الخاطر، لا يدري ماذا يفعل.
- وكعادة من هم في سن المراهقة ويقعون تحت الضغط النفسي، اتجه أوباما لشرب الكحول وهو في الثانوية.
- وقد قال عنها خلال المنتدي المدني للرئاسة: «لقد أدمنت الكحول والكوكايين.
- لمحاولة نسيان الأسئلة التي تجول بخاطري بخصوص الهوية؛ لكن هذه الفترة من حياتي هي أكبر فشل أخلاقي».
نضال أوباما:
- لم تكن تلك الفترة المظلمة من حياة أوباما سبيل في عرقلته.
- بل دفعته بمزيد من الوقود ليناضل في قضيته والدفاع عن حقوقه المسلوبة في المساواة.
- فالتحق بجامعة كولومبيا وتخصص في دراسة العلوم السياسية والعلاقات الدولية.
- كما أنه التحق بكلية الحقوق بجامعة هارفارد وقبل نهاية السنة الدراسية الأولي، تم اختياره كرئيس لمجلة القانون في هارفارد.
- وفي السنة الثانية تم تعينه رئيس مجلس إدارة المجلة، كان هذا تحوّْل في حياة أوباما.
- حيث أنه الفتي الأسود الذي احتل ذلك المنصب لأول مرة، فلفت الأنظار إليه وخاصة مع وجود كل تلك العنصرية السائدة آنذاك.
- ثم عُرض عليه في المجلة نشر كتاب عن الاختلافات العرقية، فتبادر لذهنه أن ينشر قصته وعما عاناه وعايشه هو ومن حوله.
- ففي نظره أن قصته تحمل بين طياتها الكثير مما يُعانيه أبناء العرق الزنجي.
كتابة أوباما لقصة حياته:
- شرع أوباما في كتابة قصته؛ ولكنه لم يُسميها سيرة ذاتية، مُعللًا أن السيرة تكون لشخص مشهور، حقق إنجازات تستحق الذكر والقراءة.
- ويذكر أوباما أن أكثر تخوفه كان أن لا يُلاقي ذلك المُؤلَّفْ صداه لدي المحللين والنُقاد البيض، نظرًا للعنصرية السائدة.
- ولكن على عكس المتوقع فقد لاقي هذا المُؤلًّف صداه وذاع صيته في أنحاء الولاية.
- هكذا بدأ أوباما في إدارة مشروع تسجيل الناخبين في دورة انتخاب 1992م.
- حيث بدأ العمل كمحاميًا في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية.
- وبطريقة موازية للعمل شرع في دراسة القانون الدستوري في جامعة شيكاغو.
- ومع بروزه في هذا المجال بمرور الوقت، عرض عليه البعض الترشح لمجلس الشيوخ وقد فاز بمقعده عن «ولاية إلينوي» بدعم من الحزب الديمقراطي.
- وهكذا تقًّلد المناصب حتى تم انتخابه كرئيس للولايات المتحدة سنة 2007 وهو لم يتجاوز ال47 عاما.
- وكأول رئيس أمريكي أسود اللون، زعزع هذا فكرة العنصرية المتطرفة السائدة وتم منحه نوبل السلام في أول عام من رئاسته.
هل تعرف ما هو سر النجاح؟
- إنها الثقة يا صديقي، كلما كنت واثق في هدفك ومؤمن بحلمك، تمضي بخطوات ربما بطيئة في نظرك؛ لكنها ثابتة، فستصل حتماً.
- “كن قوياً كالحياة؛ وإلا صرعتك الحياة بعد جولة واحدة، لا تكن إنسانًا عاديًا.
- أطلق لروحك عنان التأمل واحلم، فكيف تدري أن الجانب الذي اعتدته هو الأفضل لك؟
حاول أن تتعلم أي شيء عن كل شيء، صدقني ستحتاجه يومًا ما، لقد استطاع أوباما بحنكته السياسية ودهائه من ممارسة القانون وثغراته. أن يعرف كيف يستحوذ علي أغلب النائبين والاستمرار في رئاسته بشكل مبهر، برضاء من أغلب أطياف شعبه، وهو من عانى التطرف والنبذ والوحدة وفقدان الهوية، فلماذا لا يُمكنك أنت؟
إعداد: ياسمين يسري | مراجعة: سماء إبراهيم، هند يونس | إشراف: محمد جودة