تجول بناظريك في هذا العالم الفسيح ستري الحياة تستوطن كل بقعة يقع عليها ناظرك، تنوع حيوي بكل ما يمكن أن تعني الكلمة من معنى، فقد بلغت الحياة كل موضع على هذه البسيطة. ولكن لك أن تتخيل أنه رغم هذا التنوع الحيوي المهول الذى نعيشه اليوم إلا أن هذا التنوع لا يمثل سوى أقل من واحد بالمائة (1 %) من تنوع الحياة التى استوطنت الأرض من قديم الزمان. وإذا أردت أن تبحر فى غمار التسعة وتسعون بالمائة ( 99 %) من النسبة المتبقية لن تتمكن من فعل ذلك دون أن تتطرق للحفريات وخصوصًا تلك التي تعرف بـ الحفريات الفقارية (والتى تهتم بدراسة حفريات الكائنات التي لها عمود فقري).
سنسافر بكم عبر الزمن من خلال هذه السطور لنعرض لكم جانب من هذه الحياة الغامضة والتى لانعرف عنها الكثير، ونقدم لكم خلال هذه الرحلة أغرب تلك الحيوانات التى استوطنت الأرض فى يوم من الأيام.
1- فرعون الديناصورات:
By: Davide Bonadonna
- بأحجامها الضخمة و أنواعها المختلفة، تأسر الديناصورات خيالنا عند البحث فى الماضى.
- حيث حكمت الديناصورات الأرض لملايين السنين.
- وكثيراً ما يرتبط ذكر الديناصورات بذكر الديناصور المرعب صاحب الشهرة الواسعة “تي ريكس” Tyrannosaurus rex.
- لكننا هنا ننقل لكم صورة عن ديناصور أكثر رعباً وضخامةً من الـ”تي ريكس”.
إنه Spinosaurus aegyptiacus (سبينوصورس أيجيبتيكاس)،
- أو ما يعرفه العلماء باسم “الديناصور المصري ذو الأشواك”. ولنعرف أكثر عن هذا الكائن المرعب سنضبط آلتنا الزمنية على 95 مليون سنة لنرى هذا الوحش فى بيئته الطبيعية.
- بطول يصل إلى 18 متر ووزن يجاوز 11 طناً فإن سبينوصورس هو أكبر القتلة التى دبت على وجه الأرض.
- وهو كذلك أضخم الديناصورات آكلات اللحوم التى حكمت كوكبنا بلا منازع.
- يمتلك سبينوصورس فك تمساحي قوي وأسنان مخروطية حادة وضخمة، بالإضافة إلى مخالب قوية وفتاكة.
- ومن أغرب خصائص هذا الديناصور المرعب أنه كان يمتلك أشواك عظمية بشكل شراع فى فقرات ظهره ويصل طولها إلى 1.8 متر.
- وهذا الشكل الشراعي يعتقد العلماء أنه ربما كان يستخدمه السبينوصورس كي يساعده على تنظيم درجة حرارة جسمه.
- وربما كان هذا الشراع مستخدم فى طقوس التزاوج أو ربما لإخافة الأعداء.
- يقتات سبينوصورس على الديناصورات الأخرى والأسماك الكبيرة.
سبينوصورس
- هو ديناصور عربي بإمتياز حيث اكتشفت عظامه لأول مرة في مصر في الواحات البحرية.
- على الجانب الشرقي من النظام النهري القديم الذي تمثل أيضًا منطقة كِمكِم بالمغرب حدوده الغربية.
- ولذا أعيد اكتشاف عظامه مرة أخري في المغرب والجزائر.
- عاش سبينوصورس بالقرب من المسطحات المائية العذبة، وكان أكبر القتلة لأنه كان بإمكانه استغلال البيئة بنجاح كبير.
- فهو في بيته في الماء والمفترس الأضخم على اليابسة.
- سبينوصورس كان كغيره من الزواحف التي طورت العديد من الأساليب لتحكم قبضتها على الأرض بكافة بيئاتها لما يزيد عن 160 مليون سنة.
2- عملاق السماء:
Blue Rhino Studio Artistic Fabrication and Design
- تحكم الطيور سماء كوكبنا اليوم فهي تعيش في عالم مفتوح على مصرعيه.
- تطوف في فضاء الكون الشاسع مغردة في أسراب منظمة، وجماعات واسعة.
- ولكن إذا رجعنا بآلتنا الزمنية إلى الوراء قبل ما يقارب 77 مليون سنة فإن الوضع برمته مختلف تمامًا عما هو عليه الآن.
- حيث كانت تحكم الزواحف سماء هذا الكوكب العتيق.
- ربما أنت الآن فى قمة دهشتك مما قرأته فى السطور السابقة، كيف لزواحف أن تحلق في السماء؟
- ليس هذا وفقط بل وكيف لها أن تحكم فضاء الكوكب؟
1. زواحف طائرة:
- قد عاش بالفعل ما يزيد عن 200 نوع مما نعرفه اليوم بالـ”تيروصورات” أو “الزواحف الطائرة”.
- وحلقت تلك الزواحف بلا منافس في سماوات الحقبة الجيولوجية الوسطى.
- وانقرضت الزواحف الطائرة مع الديناصورات قبل 65 مليون سنة مضت.
- ومن الأخطاء العلمية الشائعة فيما يخص التيروصورات هي أنه يعتقد عند مشاهدتها في الأفلام السينمائية أنها ديناصورات طائرة.
- وهذا غير صحيح حيث أن التيروصورات ليست من مجموعة الديناصورات ولا نستطيع أن نسميها غير أنها زواحف طائرة.
2. الزاحف الخارق:
- من بين كل أنواع الزواحف الطائرة واحدًا فقط أدهش خيالنا بطريقة غريبة أكثر من غيره، وهو ما يعرفه العلماء اليوم باسم “كويتزالكوتلس نورثوبي” (Quetzalcoatlus northropi).
- والذي يُعد أضخم التيروصورات بلا منازع، وعاش في أمريكا الشمالية خلال العصر الطباشيري.
- بطول يجاوز طول الزرافة، ووزن يتخطى الربع طن، وبعرض جناحيه (المسافة بين طرفي الجناح) الذي كان يصل إلى 12 مترًا تمامًا في عرض جناحي طائرة إف 16 المقاتلة.
- فهو أكبر الحيوانات التي حلقت في سماء الأرض على الإطلاق.
- يمتد الكويتزالكوتلس اسمه من الإله الميزوأمريكي “كوتزالكواتل” أو “الأفعى ذات الريش”.
- تمكن العلماء من خلال دراسة التراكيب التشريحية لجمحمة الكويتزالكوتلس، من معرفة أنه هذا الكائن المروع كان يمتلك مناقيرًا حادة وثاقبة جدًا.
- كما كانت تملك أيضًا أعرافًا على جماجمها، لكن شكلها الدقيق وحجمها ما زالا غير معروفين.
- أما عن طبيعة الافتراس لدى هذا الزاحف الطائر فإن الكويتزالكوتلس كما يعتقد العلماء كان ذا نزعة إلى إصطياد صغار الديناصورات.
- وكغيره من الزواحف الطائرة فإن الكويتزالكوتلس كان يمتلك جناحين، كل جناح منهما يتكون من ذراع وإصبع رابع طويل.
- صحيح أنه بانقضاء العصر الطباشيري وقبل ما يقرب من 65 مليون سنة انتهت امبراطورية حكم الزواحف.
- بما فيها الديناصورات والتيروصورات والزواحف المائية للأرض، ولكن هذه لم تكن أبدًا نهاية تلك الطائفة المذهلة.
3. ملك الحيتان:
By: Richard Barnes
- سنتوجه بآلتنا الزمنية لنحط الرحال في قلب الصحراء الغربية المصرية.
- حيث سيكون هذا هو آخر مكان على الأرض يمكنك أن تعتقد أنه كان في يوم من الأيام بحرًا من الماء.
- هنا “وادي الحيتان”، حيث الصحراء تمتد مع امتداد البصر إلى الأفق.
- زخم من الأدلة العلمية التي تتراكم عامًا بعد آخر لتؤكد لنا أنه كان هناك قبل حوالي 40 مليون سنة بحرٌ واسعٌ كان يغطي قطاعًا كبيرًا من أرض مصر.
- هو البحر المتوسط القديم أو “بحر تيثيس” حيث كانت تعيش الحيتان القديمة.
1. الحوت الملك:
- كان هناك العديد من أنواع الحيتان القديمة حينها لكن واحدًا منها فقط كان المهيمن الأكبر على كل بحار العالم.
- حينها إنه “باسيلوسورس إيزيس” (Basilosaurus isis)، أو ما يعرف بـ”ملك السحالي”.
- أحد المفترسات البحرية القديمة التي احتلت قمة الهرم الغذائي آنذاك.
- بنسبة كبيرة أنت الآن تود أن تسأل: هل هو ملك السحالي أم ملك الحيتان؟ وما علاقة هذا بذاك؟
- أُكتشفت أول أحفورة من باسيلوسورس بالولايات المتحدة وكان يعتقد أنه لنوع من الديناصورات.
- نظرًا لحجمه الضخم لكن لاحقًا تم تعديل تصنيفه ليصبح أحد أنواع الثدييات البحرية وتحديدًا الحيتان.
- وحسب قواعد التصنيف، ظل على حسب أول تسمية له؛ لذا فإنه رغم أن هذا المخلوق المتوحش له جسم أشبه بجسم الأفعى واسمه “باسيلوسورس”.
- ويعني ملك السحالي، فإنه في الواقع يعتبر الجد الأكبر للحيتان المعاصرة.
2. حوت خارق:
- هيمن الباسيلوسورس على البحار قبل نحو 40 مليون سنة، وقد بلغ طول هذا الحوت ما يزيد عن 20 متر.
- وكان يسبح مثل الثعابين في المياه الضحلة للبحر المتوسط القديم، وجدت حفريات تلك الحيتان على شكل حرف S ويرجع ذلك.
- لأن عضلات عموده الفقري لم تكن قوية جدًا كما أنها وجدت مقلوبة على ظهرها.
- مما يُرجح أنها طفت بعد موتها واستقرت في هذا الوضع.
- وقد سجلت حفرياته من مختلف دول العالم بما فى ذلك الدول العربية كمصر وليبيا والأردن وغيرها.
- ولكن أبرز محطاته العالمية كانت وادي الحيتان بمحافظة الفيوم بمصر.
- وقد تغذّت حيتان الباسيلوسورس على القروش، الأسماك، وبعض أنواع الحيتان الأصغر حجمًا كحوت الدوريودون وكذلك عرائس البحر.
- ويتميز باسيلوسورس بأنه مزود بساقين خلفيتين صغيرتين لهما شكل مثالي.
- كما كان أول حوت قديم يمتلك أطرافًا خلفية مكتملة التطور تحتوي على ركبة وكاحل وقدم وأصابع قدم.
- بخلاف الحيتان الحديثة التى تعيش اليوم والتي لم تعد تمتلك شيئًا أكثر من بقايا عظام الحوض.
بعد أن عرفنا بعض المعلومات عن ملك الحيتان، سنذهب في رحلة أخرى ولكن يجب أن نخرج من تحت سطح البحر اإلى اليابسة.
4. وحيد قرن بلا قرن:
Sameer Prehistorica / Deviant Art
- ليست الديناصورات وحدها من تمتع بضخامة الجسم، الثدييات أيضًا لها نصيب.
- إذ يعد الحوت الأزرق الذى يعيش اليوم أضخم الثدييات على وجه الأرض، بل ويعد أيضًا أضخم الكائنات التى عاشت على كوكبنا في كل الأزمنة والعصور (أضخم من أضخم الديناصورات).
- ولكننا هنا بصدد الحديث عن حيوان ضخم أخر يدعى وحش بلوخستان.
- بطول يجاوز الى 9 أمتار، وبارتفاع يصل إلى 8 أمتار ووزن يتخطى الـ 20 طنًا.
- يمثل باراسيراثيريم (Paraceratherium bugtiense) أحد أكبر (إن لم يكن أكبر) الحيوانات الثديية التى مشت على هذا الكوكب.
- وعاش ذلك الضخم قبل ما يقرب من 23 مليون سنة مضت.
- وكان يقطن كل من آسيا وأوروبا ويعتبر وحش بلوخستان أكبر حيوان ثديي وجد على سطح الارض.
- يستمد وحش بلوخستان اسمه من إقليم بلوخستان الواقع فى باكستان حيث وجدت أول حفرية له في عام 1908.
- ويعد باراسيراثيريم أحد أقدم أسلاف وحيد القرن الذى يعيش اليوم ولكنه رغم ذلك لم يكن يمتلك أية قرون.
- لا يعنى أن نسميه بالوحش أنه كان حيوانًا مفترسًا، باراسيراثيريم كان حيوان آكل للعشب متواجد بصورة كبيرة في المناطق الغنية بالأشجار والحشائش والنباتات.
- حيث أنه كان يأكل كميات هائلة من الأعشاب في اليوم الواحد عجز العلماء عن تخيلها أو تقديرها مجرد تقدير.
- ويقول العلماء أن ذلك العملاق عندما كان يسير فإن الأرض كانت تهتز بشدة وكأنه زلزال.
- مما يسبب الفزع للعديد من الكائنات ذات الحجم الأقل، لدرجة أنها كانت تدهس الكائنات الأصغر حجمًا دون أن تشعر بها.
- أو أن تراها و لم تكن تستطيع الضواري والمفترسات أن توقع بذلك العملاق في الظروف العادية.
بل كانت تصطاد الصغير المنفصل عن الجماعة أو المريض لدرجة كبيرة أو الذى أوشك أن يحتضر.
5. القرش الأعظم:
Heritage Auctions/Shutterstock.com
- فى آخر محطات رحلتنا الزمنية التى تنقلت بين أعتى مخلوقات الأرض التى حكمت كوكبنا، كان لابد أن نمر بعملاق المحيطات.
- ذلك الوحش الكاسر الذي طالما فتن العلماء وألهم العديد من كُتاب الخيال العلمي والأساطير.
- فقبل فترة طويلة جدًا من وجود القرش الأبيض الكبير، كان هناك سمكة قرش عملاقة تحكم وتجوب البحار والمحيطات.
- وقد كانت على قمة السلسلة الغذائية، فلم يكن يوقفها شيء، فقد كانت تلتهم أي شكل من أشكال الحياة المائية في طريقها.
1. عملاق المحيطات:
- نتحدث هنا عن أكبر أسماك القرش التي وجدت يومًا على سطح هذا الكوكب، عن وحش سيطر على البحار لما يزيد عن 20 مليون سنة.
- إنه القرش الأبيض العملاق “ميجالودون” وقد كان من الشراسة والضخامة.
ما جعله من أكبر وأقوى الضواري في تاريخ الفقاريات على مر التاريخ. - وانقرض قبل حوالي 2.6 إلى 1.5 مليون سنة مضت.
- كان هذا القرش الضخم المفترس يسمى قرش “ميجالودون” (Carcharocles megalodon)، أحد أكثر المخلوقات البحرية شراسة على مر التاريخ.
- عاشت سمكة “ميجالودون”، واسمها العلمي هو “Carcharocles megalodon“، وتعني “الأسنان العملاقة”.
- وسُميت هكذا إشارة إلى أسنانها الضخمة، التي أعطت العلماء الأدلة حول حجمها وفترة انقراضها.
- كان “ميجالودون” مخلوقًا ضخما للغاية، حيث يُعتقد أن السمكة، كان طولها يصل إلى 18 متر.
- وطبقًا لمتحف التاريخ الطبيعي (NHM) في لندن، فإنه ربما يصل إلى 25 مترًا، بينما يتجاوز وزنها المائة طن.
- واتساع فمها فقط يجاوز الـ3 أمتار، وأكبر أضراس هذه السمكة العملاقة كان يبلغ طولها (18 سم).
- وهي أطول بثلاث مرات تقريبًا من أضراس أسماك القرش البيضاء الكبيرة التى تعيش اليوم.
- وتشير الأبحاث إلى أن الميجالودون، كانت تمتلك نحو 300 من الأسنان الحادة والمدببة.
- في فك يصل إلى اتساعه لـ3 أمتار، وله قوة عضة تصل إلى 1.3 نيوتن، أى أنه يمكنه تحطيم سيارة وكأنها حبة عنب.
- وكانت تفضل صيد الحيتان والأسماك الكبيرة.
بعد كل هذا ليس لنا إلا أن نشكر الله لأن كل هذه الكائنات انتهت تمامًا من على وجه الأرض قبل أن تطأ أقدام الإنسان أرض هذا الكوكب لتفسح لنا المجال للهيمنة على هذا الكوكب الشاسع. والآن انتهت رحلتنا هنا، لكن لنا موعد برحلات أخرى أكثر قوة وإثارة، فانتظرونا.
- المصادر:
- Tando Online
- National Geographic 1
- National Geographic 2
- National Geographic 3
- Science ScienceMag 1
- Science Direct
- DOI
- Tando Online
- PeerJ
إعداد: أحمد الخرادلي | مراجعة: هند يونس | إشراف: سماء إبراهيم