الحوت والأرجل الأربعة «حكاية تطور برية انتهت في المحيط»

كيف يُمكننا الحُكم عن كائنين مُتشابهين للوهلة الأولى بالنسبة لنا، هل يُمكن القول بأن لهم أصل مُشترك؟ وكيف يُمكن دعم هذا القول علميًا؟ 

دعني أخبرك أصل الحكاية:

بالقول العلمي فنحن نمتلك أربع فروع علمية يُمكنها التدخل والحكم في هذا الأمر، هذا إن دل فيدل على أن الأمر لا يكفيه حُكم واحد بالمرة، وهذه العلوم تتمثل في:

1. comparative anatomy (علم التشريح المقارن).
2. Embryology & development (دراسة تطور الأجنة).
3. Fossil record (السجلات الحفرية).
4. DNA comparison (مقارنة الأحماض النووية للكائنات).

وغيرهم من العلوم الهامة، لكننا سنكتفي بهؤلاء فقط هذه المرة.

إذًا كيف يُمكن توضيح ذلك؟

– أولًا: Cetaceans:

• هي مجموعة تشمل الحيتان والدلافين وغيرهم من الكائنات البحرية، اكتشف العلماء أن لهم سلفٌ مشترك، وهذا السلف كان كائن بري، حجمه أصغر من ذلك بكثير، بل وكان بأربع أرجل. 
• أنت الآن تتسائل كيف يمكن لهذا الحوت الضخم، جده الأكبر بري، بأربع أرجل، بل وحجمه أصغر بكثير؟ دعني أخبرك ببساطة كيف ذلك.

لنبدأ بـ 

1. Comparative Anatomy : التشريح المُقارن 

• في البداية سأخبرك بأنك لو ألقيت نظرة على أصل هذه السلالة ستجد أنها الكائنات البحرية الوحيدة التي تمتلك مشيمة (placenta)، فهي تَلّد وتُرضع. 
• كما أنها لا تمتلك خياشيم برغم حياتها تحت الماء، فهي تمتلك رئتين كالكائنات الأرضية، مع مُراعاة الاختلاف.
• دعني أُفاجأك أكثر لأخبرك أنها تملك جلدًا كالكائنات الحية، فلا قشور، كما أن لها شعرًا يُنبت دونًا عن باقي الأسماك.

دعنا الآن نُلقي نظرة عن قُربٍ أكثر:

• أولًا: الحوت يمتلك عِظام خلفية، ليس لها وظيفة في الحياة، ومُشابهة لتركيب أقدام الكائنات الأرضية ولكنها ضامرة.
• كما أن تركيب أطرافه الأمامية مُشابه لتركيب الأيدي في الكائنات الأرضية.
• ثانيًا: فتحة الأنف في كائنات كالدولفين على سبيل المِثال، فتحة واحدة وموقعها في (نهاية الجمجمة) ليس في البداية كالكائنات الأرضية.
• لكن بفحص الجمجمة نجد أن الفتحة الواحدة لها فتحتين في الجمجمة كالكائنات الأرضية، وهذا يُسمى “highly modified mammal nose”.

2. Embryology & development:( علم دراسة الأجنة وتطورها قبل الولادة)

باختصار:

• في مقارنة بين جنين الدولفين والإنسان سنجد شيء عجيب، الاثنين لديهم شيء مُشترك نُسميه “منشأ الأطراف”.
• وهو الجزء الذي يتطور فيما بعد إلى أرجل وأيدي، فكيف لدولفين أن يكون بأيدٍ وأرجل؟
• نفس الدولفين الذي يمتلك فتحة أنف واحدة، جَنينه يمتلك أنف بفتحتين تندمج لاحقًا لتصبح فتحة واحدة.

3. Fossil record: (السجل الحفري) 

• تذكر معي الكائن الذي افترضنا وجوده سابقًا بأرجل وبفتحة أنف في المنتصف؟
• لقد تم بالفعل اكتشاف كائنات مطابقة لتوقعات العلماء بالفعل.
• الحوت على سبيل المثال وأجداده الحيتان الأوائل.
• الذين تم اكتشافهم بالفعل (اكتشف منهم عدد في الصحراء الغربية بمصر بوادي الحيتان) وهذه الحفريات تطابق بالفعل ما تم توقعه سابقًا.

4. DNA Comparison: (مقارنة الأحماض النووية للكائنات الحية)

• وهنا ستجد مفاجأة جديدة، وهي أنه أقرب الكائنات جينيًا للحوت هو “hippo ” فرس النهر، وبالمقارنة التشريحية أيضًا تأكد نفس الشيء.

لكن كيف حدث ذلك؟

• الأصل المشترك لفرس النهر والحوت (وهو أنه كائن بري)، ظروف البيئة المحيطة به تضطر أنواع كثيرة منهم للهجرة لأماكن مختلفة، منهم من تغمره المياه، وقد يعود فيما بعد لليابسة.
• فهو يستخدم مهاراته السباحية كي يعيش ويتعايش، ومع استخدامه للرئة والأطراف الخاصة به بشكلٍ مُختلف عن الكائن البري، يتطور شكلها من جيل لآخر كي تُناسب وظيفته أكثر.
  
• ومع اختلاف نظامه الغذائي يختلف جهازه الهضمي تمامًا كي يُناسب ظروفه الجديدة، وهذا هو الافتراض الأقرب للواقع.

لم ينته الحديث هنا فلنا عودة مع أجزاء أخرى، ولا تنس أن تُراجع المصادر لمعلومات أكثر، نلقاكم في مقال أخر.

المصادر:

1. Nature | Eocene evolution of whale hearing
2. ?Youtube | What is the Evidence for Evolution
3. Journals.plos | New Protocetid Whale
4. ScienceDirect | Cetacean Evolution
5. Nature | Skeletons of terrestrial cetaceans