يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جدته كُن له حِجابًا من النار يوم القيامة». هذا الحديث يُقاس على كل امرأة يحويها الرجل في بيته، فهو مُلزم بالإحسان إليها؛ لأنها باب من أبواب الجنة.
من هي المرأة؟
- المرأة هي ذَلِك الكائن الذي يُسمى أنثى، تَختلف اختلافًا كُليًا عن الرجل من الناحية الفسيولوجية والسيكولوجية.
- فهي نمط آخر من البشر يُشكل كتلة من المشاعر الأنثوية المتدفقة.
- التي تُسهم في بناء النسيج الاجتماعي على اختلاف مستوياته، بل هي نواة المجتمع.
- يقول الله عز وجل في مُحكم تنزيله:
﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى﴾. - فقد ورد في القرآن الكريم لفظ أنثى مرارًا، وذلك خيرُ دليل على أن هذا المخلوق له كيان في الدين الإسلامي.
- الذي أتى مكرمًا للمرأة بعد أن كانت تٌوأد وهي رضيعة، وتٌعد عارًا يجب التخلص منه.
النفور من المرأة:
- لم تكن عقلية النفور من المرأة حِكرًا على المجتمع العربي في الجاهلية فقط، وإنما هي ذهنيات سادت في كل المجتمعات.
- وحتى المجتمعات اليونانية التي رأت بأن المرأة هي تشوه خلقي، أو شيطان في جسم أنثوي.
- يقول الشنقيطي: «الأنثى نقص خلقي طبيعي».
التعامل مع المرأة:
- تم التعامل مع المرأة تعامُل العبيد حتى وإن كانت حرة، وهذا عائد إلى مجموعة من العادات والتقاليد المجتمعية الموضوعة.
- التي فرضها المجتمع الذكوري القديم، فلقد كانت تقوم بأعمال يعجز عنها الرجل.
- ورغم هذا لا يعترف بإنجازها، ولا بدورها الفاعل في تغيير الوضع الاجتماعي، والاقتصادي بشكل عام.
مفهوم المرأة عبر التاريخ:
- مفهوم المرأة في التاريخ يحوي اتفاقًا، على أنها مخلوق غير عادي، وكل عالم على اختلاف منهله يُسمِه بالنقص في جانب ما.
- وما يحمل التراث اليوناني من داء للمرأة خير دليل، فآراء الفلاسفة في المرأة مُرتبطة بخبراتهم الخاصة.
- التي تحكم نظرتهم للمرأة.لكن ما يُثير الأسف هو شيوع أفكارهم في العالم أجمع.
- ولكن الحال لم يدُم طويلًا في المجتمع العربي فقد أحدث دخول الإسلام قفزة نوعية غيرت مكانة المرأة.
- مِن مُجرد خادمة إلى سيدة لها قراراتها، وشخصيتها، وكينونتها ضمن مجتمعها.
أهمية المرأة في بناء المجتمع:
- تُسهِم المرأة مُساهمة فعالة في بناء المجتمع، لأنها تُعد أحد المتحكمين في المؤثرات الأنثروبولوجية، والسياسية والاقتصادية.
- فتبلور الرؤية المستقبلية للنهوض بواقع المرأة لا يتم إلا من خلال تسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها للمجتمع.
- ومشاركتها في صنع القرار، فأهمية المرأة تتجسد من خلال:
- المرأة تتولى بشكل طبيعي أعظم المهام في الخلقة.
- يقع على عاتقها كأم مسؤولية تربية الأجيال.
- تتحمل كزوجة مهمة إدارة البيت، واقتصاده.
- المشاركة في سوق العمل في مختلف الميادين.
التحديات التي تعيشها المرأة:
- تعيش المرأة تحديات كثيرة لكي تستمر في العيش وسط مجتمع اضطهدها كثيرًا.
- حتى ونحن في هذا العالم المتطور المليء بالتكنولوجيا لا تزال المرأة تُعاني من جلد المجتمع لها.
- فهي البنت المظلومة، وهي الأم المُتعبة، والزوجة المُستعبدة.
- فهل سلمت واحدة من هؤلاء النسوة من تكالب المجتمع على استعباده بالعنف والقوة، أليست الكائن الضعيف الذي لا حول له ولا قوة.
- ألستَ أنت السند أيها الأب، أيها الابن، أيها الزوج، أيها الأخ، أم انقلب الميزان.
- وأصبحت العائلة هي السفا الأول الذي يستبيح كرامتها، ويقتل فيها حُب الحياة، ويحرمها الفرحة.
- ماذا تكسب وأنت تضربها؟ ماذا ستجني وأنت تهينها بوحشية؟
كثير من الأسئلة تُراودني، وتجعلني أوقن أن التاريخ لم يستر جرائم المجتمع ضد المرأة، أرى في عين كل امرأة الخوف، والرعب، والتردد من أولئك الذين يضيقون ذرعًا بوجودها. اتهموها أنها شيطان في شكل بشر لكن بهندسة جسمانية مُختَلِفة خُلقت للشهوة، خُلقت للعبودية. لا حق لها في الوجود، لا حق لها في التفكير، لا حق لها في المشاركة في بناء الحضارة.
الأم المعنفة:
- أيها الابن الذي ينام ليل نهار، وينتظر من أمه أن تخدمه كالأمة التي فُرض عليها خدمة السيد وطاعته.
- الأم ليست آلة كهربائية، بل هي بشر يتعب ويحس، ويشعر، يحتاج إلى الراحة وإلى الحنان، تحتاج إلى أن تكون أمًا لا خادمة.
- ومعنى الأم هو: تقبل قدميها فالجنة تحت أقدامها، لا أن تنهرها لمجرد أنها لم تكوي قميصك (عنف).
- تحنو عليها فأنت الظهر الذي تستند إليه حين عجزها، تراك بعيون الحنان، فتعطيك بسخاء، وتخدمك بطاقة وبغير طاقة حتى ترضيك.
- ماذا عنك؟ تجاهلك لهذا العطاء، واعتبَارك إياه واجبًا عليها يَلزمها تأديته، وإلا فليست بأم هو عنف أقسى من الضرب.
- أن تحرمها من كلمة أمي وتناديها (أنتِ) عنف لأنك قصرت في حقها، وسلبتها حقًا مِن حقوق الأمومة.
- كُنت جنينًا حملتك تسعة أشهر وكُنت رضيعًا حملتك سنينًا، وصرت صبيًا حملتك حتى صرت رجلًا.
- زوَجَتك وبنت لك بيتًا وبين ليلة وضُحاها (كبرتِ يا أمي، ولم نعد نستطيع تحمل مسؤوليتك يكفيني مسؤولية أولادي وعائلتي.
- فمكانك دار العجزة هناك ناس من أقرانك ستتمتعين وتجدين تفكيرًا يُشبه تفكيرك، وتسرد عليها الحجج الواهية، والأماني الكاذبة، فقط لأنك لا تريدها (هذا عُنف لا يُمكن أن يُضاهيه عنف).
العنف ضد المرأة لا يستطيع أي إنسان عاقل تقبلُه أو ارتضاء وجوده في المجتمع، ويسعى جاهدًا لرفضه والتصدي له، لكن ماذا عن العنف ضد الفتاة؟ أليس هناك من يسعى لخلاصها والدفاع عن حقوقها المُهمَلة؟! هذا ما سنعرفهُ في الجزء الثاني من المقال، فتابِعونا.
المصادر:
- أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين.
- سورة القيامة.
- الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن.
- جنان التميمي، مفهوم المرأة بين نص التنزيل وتأويل المفسرين.
إعداد: حيزية كروش | مراجعة: هند يونس | إشراف: سماء إبراهيم